لعلك تتباهي عزيزي القارئ وتتفاخر بأنك تتمتع بذاكرة حديدية لا يعتريها النسيان ولا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها.
نعم … قد تكون تمتلك هذه الموهبة حقاً، فالله الفضل والحمد والمنة … لكن على أي حال نحن بشر، وذاكرتنا مهما كانت قوية إلا أنها ليست محصنة من النسيان تماماً، فهناك تفاصيل جديدة تزيح من ذاكرتك تفاصيل قديمة، وهناك معلومة تطرد أختها، وتجارب عاطفية وانفعالية تتعمد التمويه على مواقف عقلية ومنطقية، لذا ينصحك علماء النفس وخبراء الذاكرة بأن تكتب ملاحظاتك لأن كتابة الملاحظات عادة مهمة تسهم بشكل كبير في تطوير شخصيتك ومهاراتك الحياتية والعملية والدراسية.
أهم 7 فوائد لمهارة تدوين الملاحظات
- تزودك بالحجة الدامغة وتمكنك من توضيح قضيتك أو فكرتك والبرهنة عليها بالمنطق وبطريقة منظمة ومقنعة، وذلك ببساطة بسبب تذكرك للتفاصيل الدقيقة، فكم مرة عزيزي القارئ تعرضت لكتابة بحث أو لنقاش وشعرت أنك تؤمن برجاحة فكرتك لكنك لا تستطيع إثبات ذلك للمتلقي. السبب هو أنك قرات من قبل الحجج والبراهين التي تثبت وجهة نظرك في مكان ما، لكنك نسيت التفاصيل مع مرور الزمن، فحينئذ يتبقى لديك الفكرة العامة ويضيع من ذاكرتك تفاصيلها.
- تمكنك من فهم المعلومة بصورة صحيحة لأنك ببساطة ستقوم بتلخيصها في صورة ملاحظة قصيرة، وأي إنسان لا يستطيع تلخيص معلومات طويلة إلا إذا كان يفهم هذه المعلومات فهماً دقيقاً، وفي هذا الشأن يقول مارك توين “أعتذر لك عن خطابي الطويل، فأنا لا أملك الوقت الكافي لكي أكتب لك خطاباً قصيراً”، وهذا معناه أن كتابة الخطاب القصير الذي يؤدي المعنى يطلب وقت أطول بكثير من كتابة مئات الأوراق.
- تمكنك من التركيز على النقطة /النقاط الهامة المرتبطة بموضع المعلومة التي تبحث عنها
- الاعتياد على كتابة الملاحظات مهارة في حد ذاتها تسهم في تنمية مهارة التنظيم والكتابة والحفظ لديك.
- تدوين الملاحظات في تحصيل العلوم المختلفة لأنها تساعدك في التركيز أثناء المحاضرات أو أثناء قراءة الكتب حيث أنك قد أعددت نفسك سلفاً لاقتناص الملاحظات الهامة.
- تدوين الملاحظات مفيد في حياك العملية والمهنية وتطوير شخصيتك فهي تعطيك الفرص لتقييم المعلومات ومقارنتها ببعضها البعض وتمكنك من تتبع أي تغيير يطرأ على الموضوع المستهدف.
- تدوين الملاحظات يجعلك شخصاً مثمراً، فمثلاً لو أنت مدون او كاتب او رسام أو أي شخص يرتبط عمله بالناس وحياتهم الاجتماعية، فكتابة الملاحظات ستقيدك كثيراً في الحصول على المزيد من الافكار والتي ستتجسد في لحظة ما لتصبح مقالات أو قصص أو روايات أو لوحات أو مشاريع تجارية ناجحة.
كيف تدون ملاحظاتك؟
تختلف طرق أخذ الملاحظات على حسب الغرض المعد سلفاً من أخذها، فمثلاً لو كنت طالب وتريد أن تأخذ ملاحظات أثناء المحاضرة الدراسية فلابد أن تأخذ هذه الملاحظات بسرعة كبيرة وبإيجاز حتى لا تنشغل عن باقي المعلومات التي تسمعها من المحاضر أو المدرس، وفي هذه الحالة يجب أن تكون ملاحظاتك قصيرة جداً ومفهومة وتؤدي الغرض المطلوب منها وهذه يتحقق بالممارسة والتمرين.
أم لو كنت تقرا كتاباً مهم مثلاً، فيمكنك أخذ الملاحظات من خلال تظليل المعلومة أو الفقرة المهمة داخل الكتاب بلون مميز.
يمكنك أيضاً تسجيل الملاحظات عن طريق الرسم لتكون العملية أكثر إمتاعاً، وليس شرطاً أن يكون رسم احترافي، الرسم التمثيلي يفي بالغرض.
أيهما أفضل: تدوين الملاحظات ورقياً أم رقمياً؟
كلهما، فإن كنت جالس على الكمبيوتر ففي هذه الحالة الأفضل والأسرع والمتوفر هو أن تأخذ ملاحظاتك على الكمبيوتر، أم لو كنت بعيد عن جاهز الكمبيوتر فالأسرع والاسهل هو كراس الملاحظات، لكن في نهاية الأمر يفضل دائماً أن تعطي الألوية لكراس الملاحظات الورقي التقليدي، وذلك لأنه الكراس يكون متوفر دائماً وسهل الوصول إليه مقارنة بالكمبيوتر أو الجهاز المحمول، علاوة على ذلك تتوفر اليوم كراسات ملاحظات صغيرة الحجم يسهل حملها وأخذها معك في أي مكان، فلنجعلها عادة.
في نهاية المقال عزيزي القارئ، أتمنى أن تكون قد وعيت أهمية أخذ الملاحظات، ولعلك قررت الآن أن تحمل كراس الملاحظات معك في كل مكان مثل جهاز المحمول وذلك لكي تقتنص أي فكرة أو معلومة جديدة أو ملاحظة قد تلهمك يوماً ما لفكرة اختراع او مشروع أو لأي عمل إبداعي آخر.